واحة اللغة العربية انبعات الشعر العربي ىالثانية باك

بسم الله الرحمان الرحيم
نعود الى اختصاصنا الأول هو الدراسة


نبدأ بحول الله
اول درس في اللغة العربية
للسنة الثانية باك مسلك الأداب

حركة انبعاث الشعر العربي
1 – تمهيد ( وضع النص في سياقه التاريخي والفني ) :


بعد مرور ما يناهز ستة قرون من الانحطاط الحضاري ، وفي النصف الثاني من القرن التاسع عشر ، ظهرت بفعل تنامي الوعي القومي والديني وبفعل الاحتكاك بالغرب ، حركة شعرية حملت لواء تخليص الشعر العربي من رواسب الانحطاط بالعودة إلى محاكاة النموذج الشعري القديم ( القصيدة العربية الأصيلة الجاهلية والعباسية ) واستلهام تقاليده التعبيرية والجمالية ومعارضته .. وكانت هذه العودة إلى الماضي محط اختلاف بين الدارسين الذين انقسموا بين مؤيد منتصر لها وبين رافض معيب ..
ويعتبر محمد الكتاني واحدا من الدارسين الذين اهتموا بهذه الحركة دراسة وتعريفا ، وهذا النص يأتي في سياق مساهمته في نقد الحركة والتعريف بها ..
فما هي معالم هذه الحركة ؟ وما هي علاقتها بالنموذج الشعري القديم ؟ وما هو موقف محمد الكتاني منها وعلى أي أساس بناه ؟ 

2 – ملاحظة النص ( التغريض ) :

أول ما نلاحظه هو العنوان .. وهو يتألف من مكونين أساسيين هما :
انبعاث : خبر لمبتدإ محذوف تقديره هذا وهو مضاف .. وكلمة ’’ انبعاث ‘‘ مصدر للفعل المطاوع للثلاثي المجرد بعث بمعنى أحيى .. وصيغة الافتعال (انبعاث ) هاته تجعل من حركة البعث حركة ذاتية إرادية لا تدخل فيها لأي عامل خارجي مما يوحي بأن النص يسير في اتجاه القول بأن الشعر بعث نفسه بنفسه دون أي تدخل من الشعراء ..
الشعر العربي : مضاف إليه ونعته .. وهو ما كان يصطلح عليه ب ’’ ديوان العرب ‘‘ ، أحد مكونات الآداب العربية وأقدمها .. بلغ كماله ونضجه في العصر العباسي ولما سقطت بغداد في يد المغول سنة 1258 ميلادية وانحطت الحضارة العربية دخل في متاهات التصنع والتصنيع حتى تحول إلى ملهاة وتسلية وتكلف ..
وانبعاث الشعر العربي يعنى نهضته وصحوته وانعتاقه من الإسفاف والابتذال والانحطاط ..
من خلل العنوان الذي يضطلع بوظيفة إخبارية نستطيع تغريض النص ( تحديد غرضه ) بتخمين تعريفه بحركة الانبعاث ( البعث ) الشعري ..
وثاني ما نلاحظه وله علاقة بدلالة صيغة الافتعال في كلمة ( انبعاث ) هو الفقرة الأخيرة التي يؤكد فيها محمد الكتاني أن البارودي ليس هو من أحيى الشعربموهبته ونبوغه ، ذلك لأن حركة الإحياء كانت نتيجة من نتائج الواقع الحضاري في النصف الثاني من القرن التاسع عشر ، ونتيجة من نتائج صحوة الوعي القومي والديني للأمة العربية .. ومن هنا نفهم لماذا استبدل الكاتب مفهوم البعث بمفهوم الانبعاث ..
وثالث ما نلاحظه هو الفقرة الأولى التي تربط حركة انبعاث الشعر العربي بإحياء القديم والاطلاع على مذاهب الشعراء القدماء في تناول الأغراض والنعبير عن المعاني .. وهي تلخص اتجاه حركة البعث نحو القديم ومحاكاته على أساس أنه هو مستقر المثل الأعلى ..
من خلال هذه الملاحظات نستطيع التعرف على حركة البعث باعتبارها إحياء للنموذج القديم كما نستطيع التعرف على موقف محمد الكتاني منها ..

3 – فهم النص :

النص يتألف من عدة فقرات تتمحور كلها حول حركة انبعاث الشعر العربي ..
ا – ’’ .... والمسببية ‘‘ : 
فيها يربط الكاتب حركة انبعاث الشعر العربي بأحياء القديم والاطلاع على مذاهب الشعراء في تناول الأغراض والتعبير عن المعاني ، كما يشير إلى أن ذلك كله مبني على قناعة هي أن الماضي – القديم هو مستقر المثل الأعلى والذي لا يجوز تجاوزه ..
ب – ’’ .... إلى الأمام ‘‘ : 
- إشارة الكاتب إلى أن حركة الانبعاث لم تحدث دفعة واحدة وإنما كانت على مراحل من التدرج حيث انتقل الشعر العربي من طور هو أشبه بالموت ( عصر الانحطاط ) إلى طور انبعاثه بإحياء المعاني القديمة .. 
- جرده أسباب الانحطاط ( عامل سياسي = انتكاس سلطان الدولة العربية /ع تاريخي = الفاصل الزمني بين المشتغلين بالأدب وبين الأدب السليم /ع ثقافي تذوقي = انحراف السلائق وضعف اللغة وانتشار العامية /ع قومي ديني = خمود الروح القومية والمشاعر الذاتية ) ..
- تلخيص أسباب الانبعاث في زوال أسباب الانحطاط وفي صحوة الوعي الديني والقومي ..
- جرد خصائص شعر الانحطاط ومنها نقرأ : 
موت المعاني الشعرية ، نضوب ماء العاطفة ، اختفاء النزعة الذاتية المميزة لشاعر عن شاعر ..
- جرد خصائص شعر الانبعاث ومنها نقرأ :
إحياء المعاني القديمة ، اجتلاء المعاني الذاتية والوجدانية في الشعر القديم ( إعادة إنتاجها يعني ) ، الاقتراب من سلامة الطبع ..
- الانتهاء إلى أن حركة البعث كانت حركة إلى الوراء وكان لا بد منها للقيام بالحركة التالية إلى الأمام ..
ج – ’’ .... السوريين ‘‘ : 
يحدد الكاتب سبعينيات القرن التاسع عشر كبداية لحركة الانبعاث الشعري العربيحيث أثمرت محاولات أولى على يد المصريين ( الساعاتي ، صالح مجدي ، عبد الله فكري ) والسوريين ( ناصيف اليازجي ، يوسف الأسير ، ابراهيم الأحدب ) .. وإذا كانت هذه المحاولات لم ترق إلى مستوى محاكاة النموذج الشعري القديم ومجاراته فقد مهدت الطريق أمام شعراء النهضة ( البارودي ورعيله ) ..
د – ’’ .... خصائصه ؟ ‘‘ : يذكر الكاتب بأن انبعاث الشعر العربي يعني إحياء صورته القديمة التي كان ينسج عليها فحول الشعراء المتقدمين ويعلن من خلل السؤال عن نيته في التطرق إلى طبيعته وخصائصه كالتالي :
د . 1 : تصحيح مفهوم الشعر : يرى الكاتب أن حركة انبعاث الشعر العربي قد صححت مفهوم الشعر وقومت رسالته .. فبعد أن سقط في الصنعة وطلب التصنيع وتحول إلى ملهاة وتسلية وفن من فنون المغالبة بالكلام في صناعة الألفاظ والوزان ، أصبح مع حركة البعث بعيدا عن الصنعة والتكلف كما أصبح تعبيرا عن الذات ( فيض وجدان ) وتألق خيال ( استعادة الوظيفة الجمالية للصورة البيانية ) كما اضطلع برسالة تهذيب النفوس وتنبيه الخواطر واجتلاء المكارم ..
د . 2 : التخلص من رواسب الانحطاط : يرى الكاتب أن الشعر قد نفض على يد البارودي كل ما طمس صورته القديمة من أشكال الصنعة وطلب التصنيع ، وقام على متانة التركيب وجزالة اللفظ ونصاعة المعنى وقوة الجرس .
د . 3 : الاقتباس من القديم : يرى الكاتب أن حركة الانبعاث قد نهلت منالشعر القديم وخصوصا من قصائد الفحول في عصور الازدهار وكان ذلك واضحا من خلال تأثر شعراء البعث بطرائقهم في التعبير ..
د . 4 : النزعة البيانية : يشرح الكاتب المقصود بها وهو استبدال شعراء البعث للنطم البديعي بالصياغة البيانية ( التخلي عن المحسنات البديعية وتعويضها بالتشبيه والاستعارة والمجاز ) ..
ه – ’’ .... يحياها العرب في النصف الثاني من القرن التاسع عشر ‘‘ :
يؤكد الكاتب ويذكر بأن حركة البعث والإحياء كانت نتيجة من نتائج حركة الانبعاث القومي والديني ، ونتيجة من نتائج الحياة العامة التي كان يحياها العرب في النصف الثاني من القرن التاسع عشر ..
هذا يعني أنها لم تكن نتيجة عمل شاعر موهوب اسمه البارودي ..

تعليقات

إرسال تعليق